دليلك إلى كتابة السيناريو من الصفر حتى الاحتراف
byAshraf Nsour/نوفمبر 5, 2021/inمقالات/0 Comments on دليلك إلى كتابة السيناريو من الصفر حتى الاحتراف
توغلت الكتابة في جميع الميادين وشكلَّت حجر الأساس الذي تُبني عليه معظم الفنون والخدمات أعمالها. صناعة الفيديو مثلًا تحتاج إلى إلهام الكاتب، ما دفع رجال الأعمال إلى البحث المستمر عن كتاب موهوبين يلبون رغبة السوق، كما دفعت المزيد من الأفراد للانخراط في الكتابة واحتراف مجالاتها. تنوعت الكتابة وصارت تأخذ عدة قوالب حسب نوع الخدمة والهدف منها، ومن تلك الأنواع الحديثة التي ظهرت بظهور السينما هي كتابة السيناريو. هذا المقال سيدلك على كيفية كتابة السيناريو ويرسم لك خطة احترافية تمكنك من الظفر بهذه المهارة بسرعة.
جدول المحتويات:
ما هو السيناريو؟
أهمية كتابة السيناريو
الفرق بين تأليف قصة وكتابة السيناريو
أنواع السيناريو
قواعد كتابة السيناريو
تقسيم السيناريو إلى أجزاء
خطوات كتابة السيناريو
تطوير مهارة كتابة السيناريو
تعريف السيناريو
السيناريو هو الخطة التي يمشي عليها الفيلم السينمائي أو أي فيديو لا يعتمد على الارتجال. بلغة بسيطة، يمكن القول إن السيناريو هو فيديو مكتوب مسبقًا بطريقة معينة، من خلال قراءته يتمكن المخرِج أو صانع الفيديو من معرفة المشاهد التي عليه صنعها بالترتيب. كتابة السيناريو تختلف عن باقي أنواع الكتابة لأنها تركز على وصف دقيق للمشاهد وفق قواعد معينة، لتسهيل الأمر على فريق التصوير وإنتاج الفيديو. وهي من أرقى الفنون لأنها تحتاج إلى مهارات كثيرة كما سنشرح في هذا المقال.
أهمية كتابة السيناريو
السيناريو هو العمود الفقري لأي فيلم، لذا لا يمكن الاستغناء عنه إلا في الفيديوهات الارتجالية، مثل الحوارات التلفزيونية التي لا تحتاج إلى تحضير مسبق. تكمن أهمية كتابة السيناريو عمومًا فيما يلي:
تخيل أنك تقوم بجلب ممثلين بدون كتابة السيناريو وتترك لهم حرية صنع المحتوى بطريقتهم، وذلك بعد إعطائهم فكرة عامة عن الفيلم. هل تتصور الجودة التي يُحصِّلها الفيلم دون مرجع مكتوب يعود إليه الممثلون والمخرج في الأداء؟
عندما تبدأ صناعة الفيديو، لا يوجد هناك وقت للتكهن بالأحداث الطارئة والأمور الطفيفة كاختيار الملابس والأماكن، ولا بد من تحضير كل شيء مسبقًا، وهذا ما تساعد عليه كتابة السيناريو بشكل احترافي.
كتابة السيناريو تُمكّن من إعادة تصوير الفيديو بنفس التفاصيل في وقتٍ آخر، وهي إلى ذلك تحفظ أفكار الكاتب وتقيدها امتثالًا لقوانين الكتابة. لو أن الأفلام القديمة ضاعت سيناريوهاتها مثلًا، لما أمكن تجديدها وإعادة تصويرها حاليًا، ولما حصل كتابها على كل ذلك التقدير.
في الحقيقة، كتابة السيناريو قد تكون أهم من صناعة الفيديو نفسه، فالكاتب هو الذي يقرر معظم الأشياء داخل الفيلم، وبذلك يكون المسؤول الرئيسي عن نجاحه أو فشله.
الفرق بين تأليف قصة وكتابة السيناريو
تختلف كتابة العمل الروائي أو القصصي عن كتابة السيناريو في العديد من الأمور، لكن يمكن أن نلخصها فيما يلي:
أولًا: أسلوب كتابة السيناريو
كاتب القصة يملك الحرية التامة في سرد أحداثه بالمنهج التي يريده، في حين أن السيناريو لديه أسلوب موحد حتى يستطيع أي مخرج فهمه وانجازه. كتابة السيناريو مقيدة في الأسلوب، فهي أشبه باتباع قالب واحد ومحاولة إيصال الفكرة أو سرد الأحداث دون الإخلال به.
ثانيًا: حجم وشكل السيناريو على الورق
كاتب القصة أو الرواية لا يُعِد حجم القصة مشكلًا، فهذا يعتمد على اتساع إلهامه ورغبته الخاصة. لكن كاتب السيناريو ليس هو من يختار زمن الفيلم ولا عدد الكلمات في الصفحة الواحدة، ولذلك هو مقيد بإيصال أفكاره العميقة في الحجم والشكل المطلوب.
ثالثًا: الهدف من كتابة السيناريو
الهدف من القصة أو الرواية هو سرد الأحداث وترابطها بشكل يشد القارئ واستخدام لغة قوية، وهذا أكثر ما تركز عليه القصة. لكن كتابة السيناريو تركز أكثر على صنع مشاهد في مخيلة القارئ بكل تفاصيلها، وجعله يرى الصورة واللحظة المعنية في المشهد فقط. هذا لا يعني أن السيناريو غير مترابط ومتسلسل في الأحداث، لكنه مكتوب للمخرج أو صانع الفيلم الكرتوني بغرض التصوير، وليس الهدف منه إظهار براعة الطرح والقوة اللغوية.
لا يصلح استخدام رواية أو قصة مباشرةً كمرجع لفيلم نظرًا لقلة التفاصيل فيهما مقارنةً مع السيناريو، لهذا نلجأ إلى تحويل القصة إلى سيناريو مجددًا.
أنواع السيناريو
كتابة السيناريو في تطور دائم بسبب الحاجة الملحة إلى التنويع في أنماط الفيديو لأغراض مختلفة. هذا التطور أدى إلى ظهور تقسيمات وتفرعات كثيرة، لكنها لم تغير من مبادئ كتابة السيناريو. ويمكن تصنيف السيناريو إلى ثلاث أنواع رئيسية:
أولًا: السيناريو الروائي
هو السيناريو المستوحى من قصص وروايات بعد تغيير أسلوبها، ويتميز بالاتساع والسهولة، فهو يعتمد على خيال الكاتب وأفكاره. يُستخدم هذا النوع من كتابة السيناريو في تصوير الأفلام السينمائية المتنوعة وأفلام الكرتون.
إذا كنت كاتب قصص أو روائي فننصحك ببداية مشوارك في كتابة السيناريو من هذا النوع، إذ لن يأخذ من جهدك الكثير حتى تتأقلم معه. كل ما عليك هو تعلم كيف تصيغ القصة أو الرواية بأسلوب السيناريو، وسنرشدك إلى ذلك خطوة بخطوة في هذا المقال.
ثانيًا: السيناريو الموضوعي
هو سيناريو بعيد عن الخيال ويعتمد على الحقائق والموضوعية، ويكون فيه كاتب السيناريو مقيدًا بمعلومات أو شروط معنية. كتابة السيناريو الموضوعي تُستخدم عادةً لتحضير فيديو تعليمي أو برنامج وثائقي.
إذا كنت كاتب مقالات أو كتب تعليمية، وتريد الدخول إلى فن كتابة السيناريو فننصحك بالبداية من هذا النوع لأنه متوافق جيدًا معك، قبل أن تقرر تجريب نوع آخر.
ثالثًا: السيناريو التعبيري
هو سيناريو يعتمد على مخيلة الكاتب، لكنه لا يسرد أحداثًا كثيرة مثل السيناريو الروائي، وغير مقيد بمعلومات أو شروط معقدة مثل السيناريو الموضوعي. يمكن استخدام هذا السيناريو لوصف منتجات أو التسويق لخدمة معينة بصنع قصة قصيرة تشجع على شراء المنتج. إذا كنت تجيد الكتابة التسويقية وتملك خيالًا خصبًا لتوليد الأفكار فننصحك بالبداية في فن كتابة السيناريو من هذا النوع.
احتراف أي نوع من الأنواع السابقة يُسهّل عليك الانتقال إلى كتابة السيناريو من نوع آخر، فالأمر أشبه بتعلم فن قتالي جديد إذا كنت تتقن آخر شبيهًا له. ونظرًا لكونك كاتب سيناريو مبتدئ، قد يتوجب عليك التركيز على نوع واحد بما يتوافق مع قدراتك ومعلوماتك المسبقة.
قواعد كتابة السيناريو
تعلُّم كتابة السيناريو يقتضي الامتثال إلى القواعد التي سطرها المخرجون لتوحيد الأمر والتقليل من الفوضوية. ينبغي عليك معرفة هذه الأمور من أجل كتابة سيناريو احترافي يشير إلى معرفتك بالموضوع، ومن ذلك:
أولًا: الكتابة بصيغة المضارع
كتابة السيناريو تركز على المشهد الحالي فقط، فحتى لو كانت قصة الفيلم تحدث في الماضي فيجب استخدام صيغة المضارع في الوصف، فمثلًا بدل كتابة “دخل الملك إلى القصر” ينبغي قول “يدخل الملك إلى القاعة” لأن كاتب السيناريو هو بصدد وصف مشهد آني وليس سرد تتابع الأحداث تمامًا مثل القصة.
ثانيًا: إدراج عنصر الصوت
على الهامش المخصص لكتابة الأصوات، ينبغي إخبار صانع الفيديو عن كل الأصوات المحتملة، وحتى الدقيقة منها مثل: صوت المطر، السعال أو الحمحمة وكل باقي الأصوات التي يتصورها المؤلف أثناء كتابة السيناريو في اللحظات المناسبة لها.
ثالثًا: احترام سياسة التنسيق
هناك قوالب خاصة تُستخدم في كتابة السيناريو، لذا ينبغي للكاتب الإلمام بالموضوع قبل عرض السيناريو على المنتجين لأنهم يقدرون التنسيق كثيرًا، حيث يعد عنصرًا حاسمًا يجعلهم يقررون إتمام قراءته أو لا. احرص على أن يكون السيناريو الذي كتبته يحترم المعايير التالية في التنسيق:
كتابة عنوان السيناريو في وسط الصفحة الأولى بخطٍ عريض.
إدراج رمز حماية الملكية الفكرية (إذا حصلت عليه من دوائر التسجيل) في تذييل الصفحات.
إدراج المعلومات الشخصية كرقم الهاتف، البريد الإلكتروني ومقر السكن في الصفحة الأولى.
اختيار خط Courier مقاس 12 لكتابة الحوارات.
ترك مساحة بمقدار 1.5 سنتيمتر بين النصوص.
طباعة السيناريو على ورق مقاس طوله 28 وعرضه 21.5 سنتيمتر.
تضييق الهوامش العلوية، السفلية وعلى اليسار على أن تكون بين 0.25 و1.25 سنتيمتر.
توسيع الهامش على اليمين لكتابة الحركات والأصوات على أن يكون طوله لا يتجاوز 4 سنتيمتر.
عدم تتجاوز 130 كلمة من الحوارات في الصفحة الواحدة، فكل صفحة تعادل دقيقة فيديو واحدة، ويجدر التنويه على أن وصف الأحداث والكلمات التي لا تُنطق من الممثلين غير محتسبة.
ترقيم الصفحات في الأعلى يسارًا.
وضع ملخصًا بترقيم روماني من خمس صفحات في بداية السيناريو.
إذا كنت تواجه مشاكل في تطبيق هذه القواعد كلها، فيمكنك تقديم هذه المهمة إلى أناس آخرين يتحملون هذه الأعباء بأقل التكاليف، ومعظمهم محترفون في التعامل مع كتابة السيناريو، وبذلك يقومون بهذه الخطوات دون أن ترشدهم إليها. خدمات التنسيق متوفرة بكثرة على موقع خمسات، أكبر سوق عربي لبيع وشراء الخدمات المصغرة. كما يمكن طلب تصاميم لقوالب جاهزة لتكتب عليها مباشرةً دون التفكير كثيرًا في هذه التفاصيل.
رابعًا: وصف البيئة بدقة
حتى يتمكن المخرج من صناعة الفيديو وفهم مخيلة كاتب السيناريو، ينبغي أن يحتوي السيناريو المكتوب على وصف دقيق لكل شيء (لون الأريكة، الصورة على الحائط، وصف الجو خارج المنزل).
كما يجب أثناء كتابة السيناريو أيضًا وصف حركات وإيماءات الممثلين كما هي في مخيلة الكاتب، حتى يستطيع المخرج النظر إليها من وجهة نظر الكاتب. هذه القاعدة تشترط في السيناريو الروائي فقط، لكن الفيديو التعليمي به تفاصيل أقل نظرًا لقلة النقاد في المحتوى التعليمي وتركيزهم على صحة المعلومة.
تقسيم السيناريو إلى أجزاء
تنص مبادئ كتابة السيناريو على وجود تدرج في طرح القصة انطلاقًا من المقدمة، وصف المشاكل الطارئة، ثم تقديم الحلول لها. فن كتابة السيناريو جامد نوعًا ما، ولذلك يفشل الكثير من الكتاب المبدعين في إقناع المخرجين بالسيناريو المقدم. السيناريو ليس كتابًا يتمتع فيه المؤلف بتقسيمه إلى فصول كما يشاء، لأن الغرض منه تسويقي ومعالجة مشاكل الحياة في صورة درامية تليق بالعرض، هذه القاعدة مهمة، ولذلك يجب تقسيم كتابة السيناريو إلى ثلاثة أجزاء:
الفصل الأول
في هذا الجزء من السيناريو يصف الكاتب الأجواء، الأمكنة، الشخصيات المشاركة وكيف تلتقي مع بعضها البعض. يكون الغرض من ذلك هو إعطاء فكرة للمخرج والمشاهدين عن بداية سير الأحداث وتشويقهم لمعرفة ما سيطرأ من تغيرات. يأخذ هذا الفصل حوالي 25% من حجم السيناريو الكلي.
كتابة سيناريو دعائي أو فيديو تسويقي لا تشترط هذا الفصل، إذ ينبغي الاختصار وعدم الإطالة، بل والشروع بسرعة في ذكر المشاكل التي تصادف الناس وكيف يحلها المنتج الموصوف في السيناريو.
الفصل الثاني
في هذا الفصل تصبح كتابة السيناريو أكثر إثارة، إذ إن الأحداث تصبح عنيفة، تكثر المشاكل ويظهر تغلب الخصوم على الشخصية البطلة. يكون الغرض من هذا الفصل رفع التوتر لدى المشاهد وإجباره على إتمام المشاهدة لإيجاد حل منطقي للمشكل الذي ظهر. يأخذ هذا الفصل حوالي 50% من طول السيناريو الإجمالي. لا يحتوي سيناريو فيديو تسويقي قصير على كل هذه الإثارة، لكن ينبغي التركيز على المشاكل التي تواجه العملاء وطرحها كلها قبل إظهار مزايا المنتج وكيف يقدم حلولًا.
الفصل الثالث
بعد أن تصل الأحداث للذروة ولا يستطيع المشاهد المواصلة أكثر في التوتر والحماس، ينبغي قفل الأمر تدريجيًا وإظهار حلول منطقية ليستريح ذهن المشاهد ويشعر بنشوة انتصار الشخصية البطلة. تنتهي كتابة السيناريو بالتخلص المشاكل وعودة الأمور إلى مجراها أو تحسنها أكثر مع نظرة خفيفة عن المستقبل. يأخذ هذا الفصل حوالي 25% المتبقية من طول السيناريو. يظهر هذا الجزء في السيناريو التعبيري القصير غالبًا في نهاية الفيديو على شكل ابتسامة ورضا العميل الذي جرب المنتج.
خطوات كتابة السيناريو
كتابة السيناريو ليست بالأمر الصعب كما تتخيل، فبإمكان أي شخص أن يُخرج الفنان الذي بداخله ويصف ما يدور في مخيلته. تلعب الموهبة فعلًا دورًا في جودة السيناريو منذ البداية، لكن عندما نفهم الأشخاص الموهوبين والخطوات التي قاموا بها، فسيكون فن كتابة السيناريو مجرد برنامج وخطوات محددة عليك تنفيذها. اتباع الخطوات التالية بالترتيب سيمكّنك من كتابة السيناريو بشكل احترافي دون أن تبذل الكثير من الجهد:
أولًا: حدد مصدر الأفكار قبل كتابة السيناريو
قبل أن تبدأ في كتابة السيناريو، عليك أن تكون متأكدًا من أن القصة التي ستكتبها متكاملة. هذا مهم، لأنك لا تريد أن تتوقف في منتصف الطريق دون أن تجد أفكارًا مناسبة أو حلًا للمشاكل التي ستطرحها في السيناريو. على الرغم من أن ذلك جزءًا من عملية اكتساب الخبرة، عليك أن تجد مصدر استلهام يدر عليك أفكارًا كثيرة تغير من مجرى القصة كل مرة وتجعل السيناريو غزيرًا. وللقيام بذلك عليك أولًا فهم مصادر الأفكار وأنواعها:
إذا سمح لك الكُتّاب بتحويل رواياتهم إلى سيناريو وعقدت معهم شراكة، فيمكنك أن تشرع فورًا في كتابة السيناريو، لأن الأفكار في هذه الحالة جاهزة ويمكنك توفير جهد التفكير في تطوير طريقة كتابة السيناريو فقط.
هي الأفكار التي يمكنك جمعها من الآخرين لإدراجها في كتابة السيناريو، انطلاقًا من الروايات والأفلام. يجب الحذر من السرقة الأدبية، لأن الاستلهام لا يعني أن تأخذ الفكرة كما هي، بل أن تتخذها فقط كركيزة قدم لإيجاد فكرة أخرى.
الأفكار الذاتية هي الأفكار التي تنبع من العقل الباطن، وهي متعلقة بتجربة الشخص في الحياة والأفكار العميقة التي تدور بداخله. هذا المنبع من الأفكار لا يجف، ويمكن استخدامه من أجل كتابة السيناريو. كل الناس قادرة على استحضار هذه الأفكار، ولكنها متطورة بكثرة عند الشخصيات الحالمة التي تسرح في الخيال كثيرًا، فأسع أن تقدم لنفسك الوقت الكافي لتصل إلى هذه المرحلة.
من أجل كتابة سيناريو احترافي، عليك التنويع بين مختلف مصادر الأفكار وتطويرها كلها. تعرّف على كُتّاب جدد قادرين على مشاركة أفكارهم معك، اقرأ وشاهد الأعمال الفنية كثيرًا كي تستلهم الأفكار منها، ثم أطلق العنان لخيالك كي تواصل التحسين عليها.
ثانيًا: ربط الأفكار
أثناء كتابة السيناريو، ستلاحظ أن الأفكار التي جمعتها تحتاج إلى ترتيب وربط منطقي بينها، وبعضها لا بد أن يُحذف لأنه غير متناسق مع الفكرة العامة. أفضل طريقة للحصول على ترابط منطقي في الأفكار وعدم تضييع الوقت، هو احترام مراحل كتابة السيناريو:
ضع سُلّمًا زمنيًا مناسبًا في كشكو زمني أو أي دفتر، ثم رتب الأفكار حسب إمكانية حدوثها. أحد أهم الأخطاء الملاحظة أثناء كتابة السيناريو هو وجود مشهد أو حدث كان ينبغي أن يحصل منطقيًا قبل لحظة قراءته، في هذه المرحلة من الترتيب لا تشغل بالك بالربط بين الأفكار، كل ما عليك هو ترتيب الأحداث زمنيًا قبل الانتقال إلى المرحلة التالية. تذكر هذا المثال الموالي، لأننا سنطبق عليه مراحل كتابة السيناريو:
يذهب الجندي إلى المعركة.
يستشهد الجندي أثناء المعركة.
تبكي الأم بعد المعركة.
بعد ترتيب الأفكار زمنيًا، ينبغي إيجاد تسلسل وترابط بينها قبل كتابة السيناريو. يمكن استخدام المبادئ التالية لصنع قصة مترابطة:
مبدأ السببية
لتشويق المشاهدين وربط الأحداث، ينبغي الحديث عن بعض الأسباب التي أدت إلى تغير الأمور أو حصولها، ويُستحسن أن تكون إبداعية وحساسة. في المثال السابق يمكن القول:
يذهب الجندي إلى المعركة لأنه يريد الدفاع عن وطنه.
يستشهد الجندي لأن أحد الأعداء يطعنه من الخلف.
تبكي الأم من الحزن لأنها تسمع بخبر موت ولدها.
لاحظ أن الأحداث صارت أكثر منطقية وأفضل وقًعا على ذهن ونفسية القارئ، لأن طبيعة الإنسان تبحث دائمًا عن الدوافع والنوايا وراء الأفعال. لعلك لاحظت كذلك أننا نستخدم زمن المضارع في الكتابة، لأن هذا من قواعد كتابة السيناريو كما ذكرنا.
مبدأ عدم التناقض
هو مبدأ ينص على أن الشيء لا يمكن أن يتصف بصفةٍ ما ونقيضها في آن واحد. يمكن استخدام هذا المبدأ في كتابة السيناريو لتنقيحه من الأخطاء المنطقية وتجنب النقد العنيف. لتطبيق هذا المبدأ ينبغي مثلًا الاحتراز من نَسب بعض الأعمال للشخصيات بما يخالف الوصف الأولي لها، ففي المثال السابق لو أننا كتبنا:
أحمد شخصية جبانة ومغفلة.
الجندي الذي يغامر بحياته في المعركة يسمى أحمد.
وهنا ارتكب كاتب السيناريو خطئًا لن يُخفى على الأذهان بسهولة، لأنه في الفصل الخاص بوصف الشخصيات صنع شخصية غير متوافقة مع أعمالها المستقبلية في الفصول المتقدمة.
علم المنطق يقدم الكثير من الاستراتيجيات المهمة التي تساعد كاتب السيناريو على الهروب من المآزق المنطقية، ولهذا ذكرنا في بداية المقال أن كتابة السيناريو تحتاج إلى عدة مهارات حتى تصل للاحترافية. حيث إن حبكة القصة هي العنصر الأهم في كتابة السيناريو، لأنها العامل المسؤول على التشويق والتركيب الجيد لقصة السيناريو.
ثالثًا: كتابة مسودة السيناريو
بعد ترتيب الأفكار زمنيًا ووضع ترابط منطقي جميل بينها، ينبغي البدء في كتابة السيناريو في نسخته الأولية. ننصحك بأن تركز على الأمور التالية حتى تُجنِب نفسك التصحيح والتكرار طوال الوقت:
احصل على نموذج كتابة السيناريو، حيث إن استثمار جزء صغير من مالك في مثال مكتوب من شخصٍ محترف، سيرسم أمامك خطة واضحة المعالم.
احرص على تطبيق قواعد كتابة السيناريو أثناء تحضير المسودة وليس بعد انتهائها حتى لا تضيع الوقت.
ضع بجانبك كل الموارد التي تحتاجها من دفتر الأحداث المتسلسلة زمنيًا الذي كتبته، ومبادئ كتابة السيناريو ملخصة حتى تتذكر تطبيقها.
سجل الأمور الصعبة والمشاكل التي لاحظتها أثناء كتابة المسودة، لتبحث عنها لاحقًا ثم تعيد تصحيحها.
استخدم أقلام التلوين كالأحمر والأصفر لتشير على الأمور التي ينبغي تغييرها أو مراجعتها.
لا تتهاون في قراءة ما كتبت بين الفينة والأخرى.
رابعًا: مراجعة السيناريو
يمكنك مراجعة السيناريو بنفسك، لكن هذا لن يمكّنك من معرفة الأخطاء الدقيقة. نقترح عليك أن ترسل ما كتبت إلى أحد معارفك الذين تثق فيهم حتى يقدموا لك رأيهم في جودته. بإمكانك كذلك أن توظف أحد المختصين في الإشراف الاحترافي على كتابة السيناريو وتحصل على ملاحظاتهم، فهذا سيزيد من فرص قبول عرضك وفتح باب الشهرة أمامك.
خامسًا: كتابة ملحقات السيناريو
إضافة إلى هذه الفصول التي كتبتها، ينبغي أن تشتمل كتابة السيناريو على ما يلي:
صفحة الفكرة، وهي صفحة فارغة بها جملة واحدة تُعبَّر عن الفيلم كله، مثلًا: “جندي يستشهد أثناء أداء مهامه” ويمكن أن يُكتَب بجانبها ملخص من بضع أسطر.
افصل الجزء المخصص لوصف الشخصيات حتى تساعد المخرج في البحث عن ممثلين مشابهين لها.
يُفضل كتابة فصل يسمى “المعالجة”، وهو جزء لا يتجاوز 20 صفحة على الأكثر. يسرد السيناريو بأسلوب الرواية حتى تكون القصة واضحة دون قراءة كل المشاهد، ويمكن الاستغناء عنه إذا كانت الرواية متوفرة مسبقًا.
أدرج صفحة النيات، وهي صفحة تتحدث عن نوايا كاتب السيناريو والموقف الذي دفعه لكتابة القصة.
تأكد من المعلومات على غلاف السيناريو.
سادسًا: بداية رحلة التسويق
ككاتب سيناريو مبتدئ، لن تكون لك علاقات كبيرة بصناع محتويات الفيديو القادرين على دفع مبالغ طائلة احترامًا لفكرتك. تحتاج إلى القيام بحملة تسويقية لإظهار قدراتك والجهد الذي بذلته. في البداية سيكون الأمر صعبًا، لكن سرعان ما تتعود ذلك وتصبح كاتب السيناريو مطلوبًا بكثرة.
تطوير مهارة كتابة السيناريو
السيناريو الأول الذي كتبته لن يكون أفضل عمل فني في العالم. في الواقع، ستجد الكثير من الانتقادات اللاذعة، ولا سيما من المنافسين الذين يريدون إخراجك من الحلبة. لا تتراجع بسبب هذه الانتقادات وخذها من جانبها الإيجابي، فهي تساعدك على صقل موهبتك والمضي قدمًا.
على التوازي مع طريقك الطويل إلى الاحتراف في كتابة السيناريو، ينبغي تطوير المهارات التالية حتى تتفوق على المنافسين وتُحصّل الجودة التي يرجوها المخرج والمشاهدون:
الإنترنت يعج بالأمثلة ونماذج كتابة السيناريو متعددة لأفلام وأشرطة وثائقية مشهورة بجميع اللغات. في حالة عدم توفر الفيلم باللغة العربية فيمكنك استخدام الترجمة التلقائية لمحركات البحث لأن السيناريو ليس معقدًا لغويًا، كما أن الغرض من قراءة هذه النماذج ليس تعلم النحو أو البلاغة بقدر ما هو مهم لفهم الطريقة التي يتنقل بها كاتب السيناريو بين المشاهد.
عندما تبدأ مشوارك في كتابة السيناريو ستلاحظ وجود الكثير من المصطلحات الصعبة التي يستخدمها رواد هذا المجال. ستفاجئ بمصطلحات أجنبية مثل: (الميلودراما، الهايبر دراما، السيكو دراما) وكلها مجرد أنماط من القصص وأساليب معينة في الكتابة أو تفاصيل أدق، لكن الإلمام بها يعني أنك متمكن ومحترف في كتابة السيناريو.
أبسط طريقة لتعلُّم هذه المصطلحات هو البحث عنها في محركات البحث عند مصادفتها، ثم تسجيلها في دفتر حتى لا تنساها. تعلمها كلها من قاموس خاص أو أخذ دورات تدريبية في مجال السينما.
الخيال هو سلاح الكاتب والملجأ الذي يرجع إليه في حالة ضياع الإلهام. هناك طريقة فعالة لتعزيز الخيال والقدرة على إخراج الأفكار. تدعى هذه التقنية بالتصوير الذهني (Image streaming) ولها عدة استخدامات، كزيادة الذكاء والقدرة على الحفظ. لتطبيق هذه الطريقة في تعزيز الخيال وتقويته قم بما يلي:
اجلس في مكان هادئ وبعيد عن أعين الناس.
أغمض عينيك واسترخي تمامًا دون التفكير في شيء.
سيبدأ ذهنك برسم أشكال غريبة وصور متسلسلة قد لا تفهمها، وهي تمثل الأفكار العالقة في عقلك الباطن.
حاول وصف تلك المشاهد بلغة دقيقة وبصوتٍ مرتفع حتى تصنع روابط ذهنية بين الخيال واللغة، أو بالأحرى الفص الأيمن والأيسر للدماغ.
قد تظن أن الأمر سخيف لكنه مُجرّب وفعال، وقد قام به الكثير من المبدعين وهو مُبرهن علميًا. هذه الطريقة تساهم في تطوير شبكات عصبية مُولِدة للأفكار، ولا يخفى عليك أن الشخصيات المبدعة مثل “أينشتاين” و” تيسلا” ملكت الكثير من هذه الشبكات والروابط في الدماغ، وأنها قادرة على الإبحار في الخيال والإتيان بأمور جديدة خارج الصندوق.
كذلك احرص على أن تمارس هذا التمرين عندما تجلس بمفردك فقط، حتى لا يقال عنك مجنون. على أية حال، مجنونٌ يكسب أموالًا طائلة من كتابة السيناريو الاحترافي، خيرٌ من عاقلٍ لا يُجيده.
بعد أن تتقدم في كتابة السيناريو لن يكون في وِسعك استخدام الطرق التقليدية من الأوراق والروايات المبعثرة على المكتب. يمكنك شراء برنامج احترافي متخصص في تأليف وكتابة السيناريو، يشمل مكتبة للنماذج فيكون خير معين لك على التنظيم والتنسيق.
قد لا ترغب في تعلم المونتاج وصناعة الفيديو، لكن تذكر أن الكثير من المخرجين هم كتاب سيناريو كذلك. رؤية طريقة كتابة السيناريو من زاوية المخرج يساعدك على إضفاء السهولة والبساطة في صنع المشاهد.
بعد أن تصبح كاتب سيناريو محترف، سيلاحقك الكثير لسرقة أفكارك الإبداعية، لذلك تعلم كيف تحمي نفسك منهم:
انخرط مع دوائر حماية الملكية الفكرية.
لا تُسلّم السيناريو إلى أي كاتب خارج الشركة التي تعاقدت معها لمراجعته.
زر مواقع رابطة الكُتاب المختلفة لمراقبة المستجدات القانونية.
وكما لا ترغب أنت بأن تُسرَق أفكارك، فكذلك تجنب أن تأخذ من أفكار الآخرين بدون إذن خطي منهم.
الخلاصة
كتابة السيناريو فن راق له تأثير كبير على عالم السينما وصناعة الفيديو التسويقي، ما يجعل الاعتماد على خطوات واضحة ودقيقة يمكّن كاتب السيناريو من الوصول إلى مستويات متقدمة في وقتٍ وجيز. احرص على تطوير المهارات اللازمة التي ذكرناها في هذا المقال، ولا تنس مشاركته مع أصدقائك الذين يرغبون في تعلم كتابة السيناريو مثلك، حتى تصنعوا فريقًا يتنافس منذ البداية، وذلك بغرض المحافظة على التحفيز والحصول على جودة أكبر.
كما وانه صاحب محتوى تعليمي عن الأعمال والتسويق الرقمي على منصات التواصل الاجتماعي
اترك رداً
هل لديك أي سؤال او استفسار؟لا تتردد في المشاركة!